الخلاف مع اليونسكو يخفي رفضًا أمريكيًا لأية قرارات لا تخدم إسرائيل

شكرًا لكم على متابعة الخلاف مع اليونسكو يخفي رفضًا أمريكيًا لأية قرارات لا تخدم إسرائيل وللمزيد من التفاصيل

في تصعيد جديد يضاف إلى سلسلة التوترات بين الولايات المتحدة والمؤسسات، أعلنت واشنطن انسحابها رسميًا من منظمة اليونسكو، في خطوة تعكس تراجع ثقتها بالمنظومة الدولية وتعمق الفجوة مع الهيئات متعددة الأطراف. 

وبينما تروج الإدارة الأمريكية لمبررات تتعلق بما تسميه “تحيزات داخل المنظمة”، يرى مراقبون أن القرار يأتي في إطار نهج أوسع تسلكه واشنطن لإعادة رسم قواعد التعاون الدولي بما يخدم مصالحها.

الولايات المتحدة ومنظمة اليونسكو:الانسحابات المتكررة وتداعياتها متعددة الأطراف

قالت جمانة نظمي معيدة بكلية العلوم السياسية جامعة بدر انه لطالما عكست العلاقة بين الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) توترات أوسع تتعلق بالتعاون الدولي، والخلافات الأيديولوجية، وأولويات السياسات الوطنية، قرار الولايات المتحدة الأخير بالانسحاب من اليونسكو أثار جدلاً واسعًا حول دوافعه، وتبعاته المحتملة، وتأثيره الجيوسياسي الأوسع، تهدف هذه الدراسة إلى وضع القرار في سياقه التاريخي، واستعراض سوابقه، والنظر في ردود فعل اليونسكو والدول الأعضاء والجمهور.

واضافت جمانة انسحاب الولايات المتحدة المتوقع من اليونسكو، المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في 31 ديسمبر 2026 وفقًا للمادة الثانية (6) من دستور المنظمة، ليس أمرًا جديدًا، فقد غادرت الولايات المتحدة اليونسكو في ثمانينيات القرن الماضي، معلنةً قلقها من سوء الإدارة المالية وقرارات اعتبرتها متحيزة ضدها، وبعد إصلاحات جذرية داخل المنظمة، عادت الولايات المتحدة للانضمام مجددًا عام 2003، في تحرك يعكس تجدد التفاؤل بالتعاون متعدد الأطراف.

تابعت غير أن الخلافات عادت خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، لا سيما مع قرار اليونسكو باعتبار دولة فلسطين عضوًا كامل العضوية، الأمر الذي اعتبره كثيرون في الولايات المتحدة موقفًا مناهضًا لإسرائيل. هذا الصراع أدى إلى انسحاب جديد، قبل أن تعيد إدارة بايدن النظر بالقرار وتلغي الانسحاب، الأمر الذي يعكس دورة متكررة من الانفصال والعودة.

أوضحت جمانة نظمي أن الولايات المتحدة طرحت قرارها الأخير باعتباره رد فعل على توجهات “عالمية” تتعارض مع سياسة “أميركا أولًا”، تصف إدارة ترامب قرارات اليونسكو بأنها لا تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة، مما يعكس شكوكًا أعمق تجاه المؤسسات الدولية وتأثيرها على السيادة الوطنية.

وقالت يظل الاعتراف بدولة فلسطين حجر الزاوية في الخلاف، حيث يراه البعض موقفًا معاديًا لإسرائيل، في حين يؤكد مسؤولو اليونسكو أنهم يعملون دائمًا للمصلحة المشتركة لكلا الطرفين دون تحيز.

أما بالنسبة لليونسكو فقالت جمانة أعربت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، عن أسفها الشديد لهذا القرار، لكنها أشارت إلى أن المنظمة كانت مستعدة له، وأوضحت أن الأسباب التي قدمتها الولايات المتحدة للانسحاب مماثلة لتلك التي أُثيرت قبل سبع سنوات، رغم التطورات الإيجابية التي شهدتها المنظمة في مجال التوافق والعمل متعدد الأطراف الميداني، وحذرت من أن خسارة هذا الوضع النادر من الإجماع قد تكون مكلفة على الصعيد الدولي.

وأشارت إلى ان على الصعيد المالي، قللت اليونسكو من تأثير انسحاب الولايات المتحدة، معتبرة أن تمويل واشنطن يمثل فقط 8% من ميزانيتها الإجمالية، كما تعزز الدعم الدولي من دول مثل فرنسا، حيث أكد الرئيس إيمانويل ماكرون على تمسك بلاده بالمنظمة.

أما على وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، فقد عبر العديد عن قلقهم من تراجع النفوذ العالمي لبلادهم. وصف بعض المعلقين الانسحاب بأنه هبة مريرة تخسر فيها أمريكا “النفوذ الناعم”، وهو تعبير عن تعثر في إدارة البلاد يهدد باستنزاف مكانتها العالمية.

وأختتمت حديثها قائلة تعكس دورات انسحاب الولايات المتحدة من اليونسكو وعودتها المتكررة توترات مستمرة بين المصالح الوطنية وروح التعاون الدولي، ورغم أن الانسحاب قد لا يؤثر ماليًا بشكل كبير على المنظمة، إلا أنه يحمل دلالات رمزية هامة تطرح تساؤلات حول مستقبل العمل الجماعي ودور الولايات المتحدة القيادي في المؤسسات الدولية. ومع تجديد داعمي المنظمة من دول شريكة مثل فرنسا التزامهم، يترقب العالم ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعيد تقييم موقفها قبل أن تصبح تبعات الانسحاب غير قابلة للتعويض.

 
 

المصدر / وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى