مهاجم الأخضر.. أزمة تتصاعد رغم التطور الملحوظ في كرة القدم السعودية

رغم التطورات والتحولات الكبيرة التي شهدتها كرة القدم السعودية في السنوات الأخيرة، يظل مركز المهاجم الصريح «رأس الحربة» واحدًا من أبرز الأمور التي تتطلب الدراسة المتأنية.

لقد أظهر الدوري السعودي للمحترفين «دوري روشن» تطورًا ملحوظًا في البنية التنافسية، كما ارتفعت مستوى الاحترافية الإدارية والفنية. ومع ذلك، لم ينعكس ذلك بالشكل المطلوب على إنتاج مهاجم سعودي قادر على قيادة الخط الأمامي لـالمنتخب الوطني الأول بكفاءة.

دوري روشن

تعدد الخيارات بدون تأثير واضح

يتوفر في المنتخب الوطني السعودي عدد كبير من اللاعبين في الجانب الهجومي، لكن هذا التنوع لم يتحول إلى فعالية ملحوظة داخل منطقة العمليات.

في العام 2025، خاض المنتخب السعودي 13 مباراة بين رسمية وودية، حيث تمكن من تسجيل 13 هدفًا فقط، بمعدل هدف واحد لكل مباراة. كانت آخرها الفوز الودي على منتخب كوت ديفوار بنتيجة 1-0، سجلها صالح أبو الشامات، وهو جناح وليس مهاجمًا صريحًا.

وبالنظر إلى نتائج الأخضر في عام 2025، لم يتمكن الفريق من تسجيل أكثر من هدفين في مباراة واحدة فقط، والتي كانت أمام إندونيسيا. جاءت النتائج على النحو التالي:

مباريات ودية:

  • الفوز على أيرلندا الشمالية (2-1).
  • التعادل مع التشيك (1-1).
  • الفوز على كوت ديفوار (1-0).

تصفيات كأس العالم 2026:

  • الفوز على الصين (1-0).
  • التعادل مع اليابان (0-0).
  • الفوز على البحرين (2-0).
  • الفوز على إندونيسيا (3-2).
  • التعادل مع العراق (0-0).

كأس الكونكاكاف الذهبية 2025:

  • الفوز على هايتي (1-0).
  • الخسارة أمام الولايات المتحدة (0-1).
  • التعادل مع ترينيداد وتوباجو (1-1).
  • الخسارة أمام المكسيك (0-2).
المنتخب السعودي
المنتخب السعودي

تبين أن المنتخب السعودي يعتمد بشكل متكرر على القدرات الفردية لبعض اللاعبين لإنهاء الهجمات، وبالأخص لاعبي الأجنحة الهجومية مثل سالم الدوسري وصالح أبو الشامات ومروان الصحفي، ما يعكس قصور الأداء الهجومي للفريق. هذا الأمر يضع ضغطًا كبيرًا على المنتخب إذا تم مراقبة هؤلاء اللاعبين بشكل مباشر.

تتضمن قائمة الأخضر الحالية ثلاثة لاعبين في مركز المهاجم الصريح هم «فراس البريكان، صالح الشهري وعبدالله الحمدان»، لكن تم استبعاد الأخير من المعسكر بسبب الإصابة قبل مواجهة الجزائر الودية.

باستثناء البريكان، الذي بدأ يشارك بشكل أساسي مع فريقه الأهلي بعد مغادرة المهاجم الإنجليزي إيفان توني، فإن الثنائي الشهري والحمدان يعانيان من عدم انتظام المشاركة مع الاتحاد والهلال على الترتيب، مما يؤثر سلبًا على جاهزيتهما وثقتهما داخل الملعب.

أرقام الثلاثي الأخضر مع أنديتهم في موسم 2025-2026 حتى الآن:

فراس البريكان مع الأهلي:

  • 16 مباراة بمختلف البطولات.
  • 942 دقيقة مجموع اللعب.
  • 63% نسبة المشاركة بشكل أساسي.
  • 3 أهداف.
  • 1 تمريرة حاسمة.
فراس البريكان مع الأهلي
فراس البريكان

صالح الشهري مع الاتحاد:

  • 11 مباراة بمختلف البطولات.
  • 336 دقيقة مجموع اللعب.
  • 38% نسبة المشاركة بشكل أساسي.
  • 1 هدف وحيد.
  • 0 تمريرات حاسمة.
صالح الشهري مع الاتحاد
صالح الشهري

عبدالله الحمدان مع الهلال:

  • 12 مباراة بمختلف البطولات.
  • 418 دقيقة مجموع اللعب.
  • 0% نسبة المشاركة بشكل أساسي.
  • 1 هدف وحيد.
  • 0 تمريرات حاسمة.
عبدالله الحمدان مع الهلال
عبدالله الحمدان

رينارد.. بصمة فنية واضحة

منذ أن عاد المدرب الفرنسي هيرفي رينارد لقيادة المنتخب الوطني السعودي في ولاية جديدة، أظهر الأخضر قدرة على تعزيز هويته. وذلك من خلال تعزيز الانضباط التكتيكي وصناعة حالة تنافسية إيجابية. وقد تجلى ذلك في العديد من المحطات البارزة، منها تصحيح مسار المنتخب في تصفيات كأس العالم 2025 وحجز مقعد في المونديال عن طريق الملحق الآسيوي.

إلا أن الأزمة الهجومية تمثل تحديًا كبيرًا أمام رينارد، حيث تعاني خيارات المهاجمين من نقص الخبرة في المنافسات الكبرى. كما أن مستواهم تأثر بتراجع المشاركات في الدوري المحلي.

هيرفي رينارد
هيرفي رينارد

مسؤولية جماعية

في ظل النقاش المستمر حول هذا الموضوع، حاول مهاجم الهلال، عبدالله الحمدان، — الذي يُعتبر من أبرز الأسماء الهجومية الحالية — أن يدافع عن موقف مهاجم الخط، مؤكدًا أن تسجيل الأهداف ليس عملًا فرديًا بل نتيجة جهد جماعي.

بعد الفوز على كوت ديفوار بهدف واحد، قال الحمدان: «تسجيل الأهداف لا يأتي تلقائيًا، بل هو نتاج عمل جماعي وليس جهد المهاجم وحده».

كما أضاف مهاجم الهلال: «الأزمة الهجومية متعددة الأبعاد، لكننا نسعى لتسجيل الأهداف ومساعدة المنتخب».

عبدالله الحمدان
عبدالله الحمدان

عالمية الدوري وتأثيرها على الهجوم

منذ بدء حقبة الاحتراف في موسم 2008-2009، بدأ عدد الأجانب يتزايد حتى وصل إلى الوضع الحالي، الذي يسمح لكل ناد بتسجيل 10 لاعبين أجانب من أصل 25 لاعبًا في صفوفه.

اتخذت الأندية السعودية اتجاهًا جديدًا في سوق الانتقالات، مع استقطاب عدد كبير من النجوم الدوليين في مركز الهجوم، مما أسهم في رفع مستوى الدوري ووتيرة المنافسة. ومع ذلك، أدى هذا التحول إلى تراجع ملحوظ في مشاركة المهاجمين السعوديين، حيث سيطر اللاعبون الأجانب على صدارة قوائم الهدافين في المواسم الأخيرة.

تشير إحصاءات المواسم الثلاثة الماضية إلى تراجع مستمر في معدلات تسجيل اللاعبين السعوديين مقارنة بنظرائهم من الأجانب، مما يؤثر بشكل مباشر على جاهزية عناصر المنتخب في الاستحقاقات القارية والدولية.

أرقام تكشف حجم المشكلة

موسم 2023–2024:

حصل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قائد النصر، على جائزة الحذاء الذهبي بعد أن أنهى المنافسات كأفضل هداف برصيد 35 هدفًا. بينما جاء أول لاعب سعودي في القائمة في المركز الخامس وهو فراس البريكان –(رأس حربة)- بعدما سجل بقميص الأهلي 17 هدفًا.

أما في المركز العاشر، فقد جاء نجم الهلال، سالم الدوسري -(لاعب جناح)- برصيد 14 هدفًا، وفي المركز السابع والعشرين جاء رأس الحربة السعودي صالح العباس، مهاجم الأخدود حالي، الذي سجل مع فريقه السابق الرياض 8 أهداف فقط.

قائمة الهدافين موسم 23-24
قائمة الهدافين موسم 23-24

موسم 2024–2025:

لم يتغير الوضع بالنسبة للفائز بالحذاء الذهبي، إذ حافظ كريستيانو رونالدو على الجائزة للموسم الثاني على التوالي بتسجيله 25 هدفًا، لكن من ناحية اللاعبين السعوديين، أصبح الأمر أكثر سوءًا. جاء أول لاعب سعودي في القائمة بالمركز التاسع وهو سالم الدوسري -(لاعب جناح)- برصيد 15 هدفًا، ثم ظهر أول رأس حربة سعودي في المركز الثالث والعشرين وهو عبدالله السالم، مهاجم القادسية الحالي والخليج السابق برصيد 10 أهداف.

قائمة الهدافين موسم 24-25
قائمة الهدافين موسم 24-25

موسم 2025–2026:

بعد مرور 8 جولات من الموسم الحالي، يتصدر البرتغالي جواو فيليكس، نجم النصر، قائمة الهدافين برصيد 10 أهداف. بينما جاء أول لاعب سعودي في المركز التاسع، وهو خالد الغنام جناح الاتفاق برصيد 4 أهداف، ومن خلفه في المركز السادس عشر، مدافع التعاون وليد الأحمد برصيد 3 أهداف.

قائمة الهدافين موسم 25-26
قائمة الهدافين موسم 25-26

نقطة مضيئة ولكن غير كافية

رغم الغياب المتكرر للاعبي رأس الحربة السعوديين عن المراكز الأولى في قائمة الهدافين — فراس البريكان في المركز التاسع والعشرين بهدفين — إلا أن الموسم الحالي 2025-2026 يشهد ظاهرة مميزة، حيث سجل اللاعبون السعوديون بشكل عام 40 هدفًا عبر 29 لاعبًا، كأكثر الجنسيات تسجيلًا في دوري روشن بعد مرور 8 جولات حتى الآن.

  • 40 هدفاً = 29 لاعباً سعودياً.
  • 28 هدفاً = 6 لاعبين برتغاليين.
  • 21 هدفاً = 10 لاعبين فرنسيين.
  • 13 هدفاً = 5 لاعبين برازيليين.

هذا التنوع الملحوظ في قائمة اللاعبين السعوديين الذين تمكنوا من التسجيل، يعكس التطور الهجومي للعناصر المحلية وزيادة مشاركتهم في أدوار الفعالية الهجومية داخل أنديتهم. سيكون على هيرفي رينارد، مدرب المنتخب الوطني السعودي، البحث عن طرق تعتمد على تنويع مصادر الفاعلية الهجومية، وتهديد مرمى الخصوم بطرق وأساليب متعددة، مستفيدًا من قدرات جميع اللاعبين، سواء المدافعين أو لاعبي الوسط، دون التركيز فقط على خط الهجوم.

سيسعى رينارد إلى إيجاد حلول لتحسين الرصيد التهديفي للأخضر قبل منافسات كأس العالم 2026، بدءًا من مواجهة الجزائر الودية، غدًا الثلاثاء، ومن ثم المشاركة في بطولة كأس العرب في قطر (1-18 ديسمبر 2025).

في الختام، يبقى مركز المهاجم الصريح أحد أكثر المراكز تأثيرًا على أرض الملعب. رغم التحديات المتزايدة، تمتلك كرة القدم السعودية المقومات اللازمة لاستعادة حيوية هذا المركز، بشرط العمل على تطوير المواهب المحلية وتوفير بيئة تنافسية تسمح بتكوين مهاجم قادر على تمثيل المنتخب بكفاءة في الاستحقاقات المقبلة.

يُذكر أن آخر تتويج للاعب سعودي بجائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف في دوري المحترفين كان في موسم 2013-2014 عندما سجل النجم المعتزل ناصر الشمراني 21 هدفًا.

قد يُعجبك أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى