الحرب النفسية السلاح الأضعف أثرا.. والأكثر تكرارا

شكرًا لكم على متابعة الحرب النفسية السلاح الأضعف أثرا.. والأكثر تكرارا وللمزيد من التفاصيل
في ظل التصعيد الخطابي من أطراف المعارضة الخارجية، وتنامي تأثير تقارير بعض المنظمات الدولية ذات الأجندات المسيسة، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة مركزية للحرب النفسية الموجهة ضد الدولة المصرية.
وليس المقصود هنا مجرد انتقادات عابرة أو آراء فردية، بل استراتيجية مدروسة تستهدف زرع اليأس، وتشويه المؤسسات، وضرب الروح المعنوية لدى المواطن، دون إطلاق رصاصة واحدة.
أولًا: أدوات الحرب الرقمية
1. الحسابات الزائفة بلهجة مصرية
تنتشر آلاف الحسابات التي تتحدث وكأنها لمصريين من داخل البلاد، تستخدم لهجات مألوفة مثل “ابن البلد” أو “الناقد الوطني”، بينما التحليل الرقمي الدقيق يكشف أن هذه الحسابات تُدار من الخارج، وتعمل ضمن شبكات منظمة، بعضها آلي بالكامل أو شبه آلي.
الهدف: تضخيم أي واقعة جزئية (تأخر خدمة، تصريح مثير للجدل) وتحويلها إلى نموذج يُعمّم على الدولة بأكملها، مع تكرار عبارات مثل: “مفيش فايدة”، “البلد ضايعة”، “هو في انتخابات أصلًا؟”.
ويتم استغلال المشكلات الاقتصادية أو الضغوط الحياتية، لا لتقديم حلول، بل لتوجيه الغضب نحو الدولة، بدلًا من مَن يستغل تلك الظروف.
2. إعادة تدوير المقاطع القديمة
يتم نشر مقاطع من أحداث أو تقارير سابقة بعد إعادة إخراجها وكأنها حديثة، ما يخلق انطباعًا زائفًا بأن “التاريخ يعيد نفسه”، وأن “الأمور لا تتغير”، ما يعزز الشعور بالإحباط والاستسلام.
3. السخرية الممنهجة
عبر الصور الساخرة (الميمز) والتعليقات اللاذعة، يتم تمرير رسائل سياسية خطيرة تحت ستار الترفيه. تُطرح عبارات مثل:
“كله متفبرك”
“المرشح نازل يصرف على نفسه”
“المجلس متجهّز في مكتب مش بالانتخابات”
وهكذا تُزرع أفكار خبيثة داخل خطاب شعبي ظاهره الهزل، وباطنه التشكيك.
ثانيًا: صناعة الإحباط الجماعي
الهدف الحقيقي ليس المعارضة، بل الضغط النفسي العام على المواطنين، حتى يفقد الفرد الإحساس بالقدرة على الفعل، ويقول في نفسه:
> “أنا مالي؟ مش هاروّح.. مش هنتخب.. مش هتغيّر حاجة”
هذا ليس تفكيرًا عفويًا، بل نتيجة تحريض ناعم، أخطر من الشتائم المباشرة، لأنه يزرع الشك بدلًا من المواجهة.
وتتم صناعة ما يُعرف بـ*”الوعي الزائف” (false consensus)*، حيث يُقنعك الخطاب العام أن “الجميع فقد الأمل”.. وأنك وحدك من لا يزال يصدّق أن في الغد فرصة.
ثالثًا: من يقود هذه الحرب؟
تنظيمات معروفة مثل جماعة الإخوان، وبعض المراكز الممولة خارجيًا
شبكات إعلامية تبث من تركيا وقطر
حسابات تابعة لمنظمات غير حكومية دولية
نشطاء سابقون باتوا أدوات في أيدي غرف تحريك خفية
الآلية موحدة:
إشاعة → فيديو مفبرك → “ترند” مصطنع يصل إلى جمهور فيسبوك وتويتر المصري
رابعًا: كيف نواجه؟
1. الرصد والتحليل لا الحذف فقط
المطلوب من الجهات المختصة ألا تكتفي بحذف المحتوى المشبوه، بل أن تدرسه وتفهم رسائله وأساليبه، لتنتج ردودًا ذكية ومؤثرة.
2. بناء منصات توعية احترافية
لا يجوز ترك المواطن وحيدًا أمام هذا السيل من التضليل. نحن بحاجة إلى إعلام رقمي حديث، يخاطب الناس بلغتهم، ويجيب على تساؤلاتهم قبل أن يطرحوها.
3. تعزيز الثقة من داخل المؤسسات
كلما كانت المؤسسات أكثر شفافية وتنوعًا وكفاءة، كلما تراجعت فعالية الحرب النفسية تلقائيًا. المواطن الذي يرى نموذجًا حقيقيًا للتمثيل والعمل الجاد لن يسهل التأثير عليه.
الحرب على مصر لم تعد بالدبابات والصواريخ فقط.
أحيانًا يكون “البوست الساخر” أو “الفيديو المفبرك” أشد وقعًا من الرصاص، لأنه يضرب في جبهة الوعي.
المعركة الحقيقية الآن على عقل المواطن.
إما أن يثق، أو أن يستسلم لليأس.
والمطلوب من الجميع ألا يكتفي بالمشاهدة، بل أن يشارك في الدفاع عن الوعي، لأنه الحصن الأخير.
حفظ الله مصر و كفاها شر الماكرين.
المصدر / وكالات